اضطراب طيف التوحد: دليلك الشامل لفهم اضطراب طيف التوحد عند الأطفال

اضطراب طيف التوحد


يُعد اضطراب طيف التوحد (ASD) حالةً فريدة من نوعها، يتم خلالها إعادة برمجة عقل الإنسان بطريقة تُؤثر على كيفية إدراكه للعالم من حوله. إنها ليست مجرد “اضطراب “، بل اختلافٌ في طريقة التفكير والتواصل والتفاعل.

ويشهد العالم اليوم ارتفاعاً ملحوظاً في حالات تشخيص اضطراب طيف التوحد، مما يُبرز أهمية زيادة الوعي المجتمعي وفهم هذا الاضطراب بشكل أفضل. فالتوعية بهذا الاضطراب تشكل بناء جسور من الفهم والقبول تُمكن الأفراد المصابين بالتوحد من الاندماج في المجتمع والعيش حياةً مميزة . والآن دعونا نصحبكم في رحلة توعوية شاملة لفهم كل ما يتعلق بهذا بالاضطراب عند الأطفال وكيفية التعامل معه.

القسم 1: ما هو اضطراب طيف التوحد؟

القسم 2: درجات اضطراب طيف التوحد لدى الأطفال

القسم 3: أعراض اضطراب طيف التوحد

القسم 4: أسباب اضطراب طيف التوحد

القسم 5: تشخيص اضطراب طيف التوحد

القسم 6: طرق العلاج والدعم لاضطراب طيف التوحد

القسم 7: كيفية دعم الأطفال المصابين بالتوحد

اضطراب طيف التوحد: دليلك الشامل لفهم أعراض وعلامات التوحد عند الأطفال - طفل يعاني من التوحد

ما هو اضطراب طيف التوحد؟

هل تخيلت يوماً ما وجود عالم مختلف عن عالمنا يُدرك فيه كل فرد المُثيرات الحسية بشكل مُختلف عن طريقة ادراكنا الحالية؟. هذا هو عالم اضطراب طيف التوحد، فاضطراب طيف التوحد هو حالة فريدة يواجه فيها الأشخاص صعوبة في تطوير العلاقات الاجتماعية العادية، أو التفاعل مع المحيط الخاص بهم، ويصبح لديهم أنماط سلوكية أو أنشطة محدودة ومختلفة عن ذوييهم.

ويبدأ طيف التوحد في الظهور في عمر مبكرة قبل عمر 3 سنوات، ولكنه يظهر بشكل مُختلف في كل فرد، مع تنوع كبير في درجات الأعراض وتأثيرها على الحياة اليومية. فنجد أنه قد يُعاني بعض الأفراد من أعراض خفيفة تُؤثر بشكل طفيف على حياتهم اليومية، بينما قد يُعاني آخرون من أعراض شديدة تتطلب دعماً مُكثفاً.

 

درجات اضطراب طيف التوحد لدى الأطفال

سابقًا، كان تشخيص التوحد يتم بتصنيفه إلى أربعة أنواع فرعية مُتميزة: متلازمة أسبرجر، واضطراب التوحد، واضطراب الطفولة التحللي، والاضطراب النمائي الشامل غير المُحدد. إلا أن هذا التصنيف التقليدي قد تم استبداله بتصنيفٍ أكثر شموليةً ودقةً، وهو “اضطراب طيف التوحد” (ASD)، والذي يُعتمده الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، الطبعة الخامسة (DSM-5) والذي يُمثل المُعيار الرئيسي لتشخيص الاضطرابات العقلية. يُصنف اضطراب طيف التوحد الأفراد ضمن ثلاثة مستويات مُختلفة من الشدة، بناءً على مدى دعم التواصل الاجتماعي والسلوكيات المُقيدة/المُكررة الذي يحتاجونه.

  • المستوى الأول (يتطلب دعمًا بسيط ): يتميز هذا المستوى بقدرة الفرد على استخدام اللغة للتواصل، إلا أنه يُواجه صعوباتٍ في بدء التفاعلات الاجتماعية والحفاظ عليها. كما يُظهر صعوبةً في فهم الإشارات الاجتماعية غير اللفظية ولغة الجسد. قد يؤدي هذا إلى حدوث سوء فهم في التواصل الاجتماعي.
  • المستوى الثاني (يتطلب دعمًا متوسط): يُواجه الأفراد في هذا المستوى صعوباتٍ أكبر في التواصل الاجتماعي، وقد تكون قدرتهم على استخدام اللغة محدودة. كما يُظهرون أنماطًا سلوكيةً متكررةً بشكل أكثر وضوحًا، وقد يُواجهون صعوبةً في التكيف مع التغيرات في الروتين.
  • المستوى الثالث (يتطلب دعمًا شديدًا): يُمثل هذا المستوى أعلى درجة من الشدة في اضطراب طيف التوحد. يُعاني الأفراد في هذا المستوى من صعوباتٍ شديدةٍ في التواصل الاجتماعي، وقد تكون قدرتهم على استخدام اللغة مُنعدمةً أو مُقيدةً جداً. كما يُظهرون أنماطًا سلوكيةً متكررةً بصورةٍ شديدة التأثير على حياتهم اليومية، ويحتاجون إلى دعمٍ شاملٍ في معظم جوانب حياتهم.

اضطراب طيف التوحد: دليلك الشامل لفهم أعراض وعلامات التوحد عند الأطفال

أعراض اضطراب طيف التوحد:

تُصنف أعراض التوحد عادةً إلى ثلاث فئات رئيسية:

  • أعراض اجتماعية:  مثل وجود صعوبة في التواصل البصري، صعوبة في فهم الإشارات الاجتماعية أو بناء علاقات اجتماعية، وصعوبة التعبير عن المشاعر.
  • أعراض سلوكية: التمسك الشديد بالروتين، الاهتمام المُفرط بمواضيع مُحددة، حركات جسدية مُكررة، حساسية مُفرطة أو مُنخفضة للمُثيرات الحسية.
  • أعراض تواصلية: تأخر الكلام، صعوبة في فهم اللغة، استخدام لغة مُكررة أو غير مُناسبة.

وتختلف هذه الأعراض في شدتها وطريقة ظهورها باختلاف العمر. فعلى سبيل المثال، قد يلاحظ الأهل تأخرًا في الكلام أو عدم الاستجابة للنداء بالاسم عند أطفال التوحد الصغار. أما المراهقين فقد يُواجهون صعوبة في بناء علاقات اجتماعية أو فهم السخرية. بينما قد يُعاني البالغين من صعوبات في مكان العمل أو العلاقات العاطفية.

 

أسباب اضطراب طيف التوحد:

لا يُوجد سبب مُحدد لهذا الاضطراب؛ فما زال البحث مستمرًا لفهم الأسباب الدقيقة لاضطراب طيف التوحد. إلا أن الدراسات تُشير إلى مجموعة من العوامل المُتداخلة التي قد تلعب دورًا في ظهوره، منها:

  • العوامل الجينية: تُشير الدراسات إلى وجود جينات مُتعددة قد تزيد من الاستعداد للإصابة بالتوحد.
  • العوامل الوراثية: يزيد خطر الإصابة بالتوحد إذا كان أحد أفراد الأسرة مُصابًا به.
  • العوامل البيئية: بعض العوامل البيئية أثناء فترة الحمل أو الطفولة المُبكرة، مثل تعرض الأم لبعض المواد الكيميائية أثناء الحمل قد تزيد من الاستعداد للإصابة.
  • اختلافات في بنية الدماغ ووظائفه: أظهرت بعض الدراسات وجود اختلافات في بنية بعض مناطق الدماغ عند الأفراد المصابين بالتوحد.

 

تشخيص اضطراب طيف التوحد:

لا يوجد فحص طبي واحد لتشخيص التوحد. يعتمد التشخيص على مُلاحظة سلوك الطفل، مقابلة الأهل، وتقييم المهارات في مجالات التواصل، التفاعل الاجتماعي، وأنماط السلوك. يتم التشخيص من قِبل أخصائي مُؤهل، كفريق متعدد التخصصات طب نفسي أطفال ومراهقين اخصائي تربية خاصة واخصائي نفسي واخصائي اجتماعي واخصائي علاج وظيفي واخصائي نطق وتخاطب.

ويستخدم الأخصائيون مجموعة من الأدوات والاستبيانات المُعيارية لتقييم مُستوى التطور وتحديد وجود علامات التوحد والمساعدة في التشخيص في عملية التشخيص مثل قائمة فحص التوحد المعدلة للأطفال الصغار الثانية (M-CHAT-II/F) واستبيان التواصل الاجتماعي (SCQ) وأداة فحص التوحد عند الأطفال الصغار (STAT)، والتي تُساعد في تحديد الأطفال الذين يحتاجون إلى تقييمٍ أكثر شمولية، وصولًا إلى أدوات التشخيص الشاملة مثل مقابلة التشخيص للتوحد المُنقحة (ADI-R) وجدول ملاحظة تشخيص التوحد الثاني (ADOS-2) ومقياس تقييم التوحد في الطفولة (CARS)، والتي تُوفر تقييمًا مُعمقًا للسلوكيات الاجتماعية والتواصلية.

ومن المهم التأكيد على أن هذه الأدوات هي مجرد جزء من عملية التشخيص الشاملة، والتي يجب أن تشمل أيضًا تقييمًا سريريًا شاملًا من قبل مختصين ذو خبرة في تشخيص وعلاج التوحد. يجب أن يأخذ التقييم في الاعتبار تاريخ نمو الطفل، وسلوكياته الحالية، وتاريخ العائلة، وأي حالات طبية أخرى.

 

طرق العلاج والدعم لاضطراب طيف التوحد:

لا يوجد علاج محدد شافٍ للتوحد، ولكن تُوجد العديد من العلاجات التي يُمكن أن تُساعد الأفراد المصابين بالتوحد على تطوير مهاراتهم، والتكيف مع تحدياتهم، وتحسين جودة حياتهم. يُعتبر التدخل المُبكر أمراً بالغ الأهمية، حيث يُمكن أن يُساهم بشكل كبير في تحسين مُخرجات التطور. تشمل العلاجات الشائعة:

  • تحليل السلوك التطبيقي (ABA): يُركز على تعليم مهارات جديدة، وتعديل السلوكيات غير المرغوب فيها، من خلال التعزيز الإيجابي.
  • التدخل المبكر  يُساعد على تحسين مهارات التواصل، سواءً اللفظية أو غير اللفظية و  يُركز على تطوير مهارات الحياة اليومية، مثل الاستقلالية في ارتداء الملابس، وتناول الطعام.
  • دعم الأسرة: تُعتبر توعية ودعم الأسرة أمراً أساسياً لنجاح أي برنامج علاجي وتعليمي

 

كيفية دعم الأطفال المصابين بالتوحد:

أطفال التوحد هم هدايا فريدة، أزهار تتفتح بطرق مختلفة. دعونا نرويهم بالحب والصبر، ونوفر لهم البيئة التي يحتاجونها للازدهار. لنكن لهم الأيدي الحانية، والقلوب المتفهمة، والأصوات الداعمة. احتياجاتهم مميزة، فهم قد يجدون صعوبة في التواصل معنا بالطريقة التي اعتدنا عليها، وقد لا يفهمون إشاراتنا الاجتماعية، لكنهم يمتلكون عالمًا داخليًا ثريًا، مليئًا بالمشاعر والأفكار. دعونا نتعلم لغتهم، ونفهم طريقتهم في التعبير، ونحتفل بقدراتهم الفريدة. فهم ليسوا بحاجة إلى أن يتغيروا ليناسبونا، بل نحن بحاجة إلى أن نفتح قلوبنا وعقولنا لنفهمهم ونقبلهم كما هم.

 

يُمكن للأهل والمختصين دعم أطفال التوحد من خلال:

  • توفير بيئة مُنظمة ومُتوقعة: يُساعد ذلك على تقليل القلق وتحسين التركيز.
  • استخدام لغة واضحة ومُباشرة: تجنب اللغة المجازية والسخرية.
  • تقسيم المهام المُعقدة إلى خطوات بسيطة: يُسهل ذلك على الطفل فهم المطلوب منه.
  • تشجيع المشاركة في الأنشطة الترفيهية والتعليمية: يُساهم ذلك في تطوير مهارات الطفل وتعليمه كيفية التفاعل مع الآخرين.

 

الخاتمة:

يمثل اضطراب طيف التوحد رحلة فهم واكتشاف وقدرات كامنة للشخص المصاب به. ومن خلال التوعية، والدعم، وتوفير الفرص، يُمكن للأفراد المصابين بالتوحد أن يُحققوا كامل إمكاناتهم ويُثروا مجتمعاتهم بمواهبهم الفريدة

المصادر

WebMD. What Is Autism? Retrieved on the 9th of Nov., 2024.

National Institute of Mental Health (NIMH). Autism Spectrum Disorder. Retrieved on the 9th of Nov., 2024.

Lisa Jo Rudy. Causes and Risk Factors of Autism. Retrieved on the 9th of Nov., 2024.

Adam Rowden. What are the types of autism? Retrieved on the 9th of Nov., 2024.

Lisa Jo Rudy. Understanding the Three Levels of Autism. Retrieved on the 9th of Nov., 2024.

WebMD. Can You Prevent Autism? Retrieved on the 9th of Nov., 2024.

Healthline. Autism Complications. Retrieved on the 9th of Nov., 2024.

Rachel Nall. What to know about autism. Retrieved on the 9th of Nov., 2024.

 

التعليقات معطلة.